
مصطلحات سادت ثم بادت
كانت اللغة تتحدّث عن احتلال الصهيونية لأرض فلسطين، فصارت تتقبّل مصطلح العودة. حقوقياً الفارق شاسع. الاحتلال دواؤه القانوني المقاومة والنضال حتى التحرير، وأما "العودة" إلى أرض الميعاد، فدواؤها قبول الآخر واقتسام الأرض على هيئة دولتين. الاحتلال يتعاطى عادة مع مواطنين، أما "العائدون" فيتعاطون مع سكان غزّة وسكان الضفة وسكان عرب إسرائيل!!.

عندما لا تعتقد بجدوى الاحتجاج
أن نتجمهر، أن نحتشد وندعو إلى التظاهر والمسيرات لغرض ما ، فليس هذا بالضرورة كل ما يجب علينا فعلهُ، وليست الحشود وحدها مَن تنقلنا من عصر إلى عصر، ولا الشعارات من زمن إلى زمن.

مهرجاناتنا الصيفية والسؤال القديم
بيروت الجميلة أصبحت تُشعرنا رغم مهرجاناتها وكل الأشكال البرّانية الآتية من خارجها، أننا في جُحرٍ، أو في كهفٍ ما يلبث يتعفّن ويمتلىء بالروائح النتِنة ويضيق، يوماً إثر يوم، ونحن ننحدر إلى أسفل فنشعر بالدُوار فلا نعرف بعد في أية علّة وقعنا، ومن أيّ فساد يتسرّب إلينا هذا الإحساس بالخواء التّام. إحساس المُعلّق في وكر، أو المطمور في جُحر، وليس في كلا الإحساسين من خاتمة، أو ما يشي إلى التغيير والحركة والسعة والإنتماء لا بالرقص ولا بسواه. هذا على الأقل ما نشعرهُ الآن، وما من كرنفال يبدو قريباً يُعيدنا مواطنين أصّحاء.

فلسطين وسيرتها التاريخية والراهنة
لكل بلد في العالم سيرتان: تاريخية وحاضرة، والحديث في الغالب عن فلسطين (على الشاشات أعني) لا يجري إلا في سيرتها الراهنة التي تتناول قائمة مذابحها الطازجة، وعمليات تقويض بيوتها التي لا تنفكّ، وبناء الجدران، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس في المحاولة إلى هدم ذاكرتها ونسف حضورها من أية مُراهنات مقبلة تطال وجودها.

المونديال بعيونِ امرأةٍ تعشق الجمال
ثمة من يقول بزمن المواهب الكروية الذي لا بّد ولىّ وانتابهُ الهمود. تحوّل من إعصار فنيّ إلى نبضِ استهلاكٍ وحشي ومُضّطرب ومُراوِغ. قلّ عدد اللاعبين العظام، ولم تعد الانتصارات منوطة بهم باستثناء البعض بالطبع. كان زيدان وكان إيتو ورونالدينو ولارسن وسواهم، سوى أن مُبالغات شركات الإعلانات والترويج أضحت تُرجّح صورة اللاعب على لعبه.

الذاكرة العربية المنخورة
ما نحملهُ من تاريخ والتاريخ ذاكرة، لا يعدو أن يكون قبوراً كثيرة، وكلاماً مبحوحاً وذكريات مُقطعّة، وأشلاء أوطان بلا سلالات والكثير الكثير من الخيانات. أوطان لم نحافظ عليها وتيجاناً بلا رجال، وترهات انقلبت حقائق، وحقائق بدّلت في حقائقها.

صورة يمنية.. مزيج من طفل استحال أباً، وأب استحال طفلاً
حياةُ اليمني، وليس شخصهُ فحسب أو موته، دراميّة في أساسها. إنها صراعٌ ملحَمي للكائِن البشري في هذا العالم، صراعٌ مع الخارج وصراعٌ مع الداخل، وهي حياته ذات وتائِر نفسية ومعيشية وفكرية مُتفاوِتة مُتدرِّجة غالباً.

مُلصقات سخيّة بألوانها وجدران مُطيعة
لم يكن الحال اللبناني أكثر تواصلاً مع سابقه كما يحدث الآن. فإذا كانت الانتخابات اللبنانية المُزمَعة قريباً، علامات أولى تبشيرية داخلية في حياة هذا البلد، وذات وعود نهضوية ما لهذا الفريق، فإن علامات تبشيرية داخلية مُماثلة للفريق الآخر مرفوعة وبشكلٍ موازٍ ومتداخل إلى حدّ لا نعرف معه، أيها المُخلّصة فعلاً، وأين هي البداية.

خيال هذا العالم الوحشي وطرائقه الهستيرية
منذ زمن ليس بالبعيد، وعلى التحديد منذ سنوات قليلة لاتتعدّى أصابع اليدين، كنّا نتكفّل بأحبائنا المُغتربين، عبر إمدادهم ببعض الهدايا التي تُغذّي أرواحهم، وكانت في الغالب على شكل مجموعة أشرطة غنائية، تُعيد ربط أواصرهم بما تشكلّت منه طفولاتهم وبعض صباهم، الأمر الذي أوشكوا على نسيانه بفعل الوقت.